طفلةة سورية !!

الأربعاء يونيو 27, 2012 10:04 pm

سورية, طفلة

طفلة سورية

تأخرتْ الطفلةُ عن المنزل كثيراً ، فخافتْ عليها والدتها وضاقت بها رحابُ الدنيا ، فما أراحها دمعٌ تسكبه ، ولا أنينٌ تشدو به ! وأحسّت وكأنَّ الجبالَ تنطبقُ عليها !! فأضناها الاِنتظار وراعها تأخّرُ طفلتها ، وما عساها تفعل ؟ فإنَّ طفلتَها هي كلُّ ما تملكُ في هذه الدنيا ، فأخذتْ تلومُ نفسها وتبكي حظّها التعيس ، تقول: ليتني لم أخرجها في طلب مؤونتنا ، إنّي لو متُّ جوعاً لكان على قلبي أهونُ من ساعاتِ الاِنتظارِ هذه ، ولكنَّ صوتاً في نفسها يجيبها فيقول : وماذا إن ماتت الطفلةُ قبلك جوعاً ؟ فزادَ ضيقها وتضاعفتْ حسرتها ، والتجأت إلى ربّها .. مالها سواه ، ولن ينفعها أحدٌ في مصيبتها إلا هو سبحانه .

فسمعتْ صوتاً مقبلاً إلى المنزل ، فابتدرت الباب – وهي على كرسيّها إذ أنّ المرض أرداها فشُلّتْ قبلَ سنين – وكأنَّ الأملَ يتدافع إلى قلبها ويرجو أن تكونَ هذه ابنتها ، فلمّا لمحتها من بعيد ، بكت .. واحتضنتها وكأنّها تحبسها عن الدنيا في أحضانها ، فأخذتْ تشمّها وتقبّلها وتحمدُ الله عزّ وجلَّ !!

فقالت الطفلةُ لأمّها : ماما لمَ الناسُ في الخارجِ نائمون على الأرض ؟ ولمَ كثيرٌ منهم غارقٌ بدمه ؟ إنّي خفتُ كثيراً وأنا عائدةٌ إلى المنزِل !! ماما رأيتُ رأساً منتزعاً عن جسده!! ورأيتُ "محمّد" ابنُ جارتنا ما بقيَ منه إلا الصدر والرأس !! ماما ماذا يفعلون بالخارج؟ أهم يلعبون ؟ ماما أخبريهم أنَّ لعبهم يخيفني كثيراً .. فأخذت الطفلةُ تبكي .. وكانت الأمُّ ترى هذه الطفلةُ فتتقطّع أوصالها وكأنَّ كبدها قد ارفضّت

فقالتْ الأم : يا بنيّتي إننا في حرب ، فكوني شجاعةً واستعيني بربّك ، فهو الذي يحمينا ويعيننا .. فقاطعتها الطفلةُ قائلةً : إني فتّشتُ الطرقات وخضتُ المسالك قبل ساعات ، فما رأيتُ غرباءَ عنّا ؟ فأين الذين يحاربوننا ؟ أهم جنٌّ لا نراهم ؟

فقالت الأم : يا بنيّتي إنَّ اللهَ لطفَ بكِ فجعلك لا تلتقينَ بهم ، فهم أعداءُ الله وأعداءُ الإسلام ، إنَّ الرحمةَ نُزعتْ من قلوبهم فما عادوا يرونَ صغيراً ولا كبيراً ، ولا فتاةً ولا صبيّاً .. إنّهم منبوذون من الفئةِ البشريّة .. إنهم وحوشٌ يا ابنتي !!

فقالت الطفلة : إذاً أينَ جيشنا يا ماما ؟ لمَ لا يدفع عنّا أذى الأشرار ؟ ويسخّرُ نفسه في حمايةِ شعبِه ؟ .. فقالتْ الأمُّ في نفسها : ما علمتْ هذه المسكينة أنَّ جيشها هو الذي يحاربها !!

فسمعوا صوتَ اِنفجار !! فارتاعوا وبكواْ وطلبوا الرحمة من الله !! فذهبت الطفلةُ لترى ماذا حصل .. والأمُّ تصرخ فيها لا تذهبي يا ابنتي .. تعالي فأخشى أن يصيبَك ضرر !!

فعادت الطفلةُ مسرعةً هائمةً على وجهها تقول : ماما إنَّ البيتَ يحترق !! ماما إنّ البيتَ يحترق .. ماذا نفعل يا ماما ؟ أخبريني أرجوكِ ؟

فما كادوا يخرجون إلا وأدركتهم النار ، فما وسعهم أن يخرجوا ، فتشبّثت الطفلةُ بأمّها ، والأمُّ تقول: انجي بنفسكِ يا ابنتي .. اذهبي واتركيني .. فقالت الطفلة : ماما لن أتركك .. سأموتُ معك !!!
شات
،
منتدى

فاحترقتْ الطفلَة على مرأى من أمّها ، وما مضت ثوانٍ إلا واحترقتْ الأمّ ..

فاحترقتْ زهرتان يانعتان .. كانتا تزيّنان الدنيا ، وتبهجان الحياة !! ضاعَ كلُّ شيء ..

إنَّ هذه الأمَّ ماتت وهي تقول : يا ربُّ خذلنا إخوتنا من المسلمين ، واستكبروا أن ينصرونا وتهاونوا عن ذلك .. اللهم فسامحهم وبدّل خذلانهم عزّاً و هزيمتهم نصراً !!

’’’ اِنتهت القصة حيثُ اِنتهت معالمُ الإنسانيّة .. " مستوحاة من الخيال " والواقع أنكى وأمرّ !

منقول