صفحة 4 من اصل 4 • 1, 2, 3, 4
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 5:25 pm
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
لكل من يملك من تراث الأدب و الشعر
القديم و المعاصر
المساهمة في اضافه جعل هذه الصفحات مثمرة
القديم و المعاصر
المساهمة في اضافه جعل هذه الصفحات مثمرة
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:05 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]>>
من حفنة تمر
لابدّ إنني كنت صغيراً جداً حينذاك. لست أذكر كم كان عمري تماماً، ولكنني
أذكر أن الناس حين كانوا يرونني مع جدي كانوا يربتون على رأسي، ويقرصونني
في خدي، ولم يكونوا يفعلون ذلك مع جدي. العجيب أنني لم أكن أخرج أبداً مع
أبي، ولكن جدي كان يأخذني معه حيثما ذهب، إلا في الصباح حين كنت أذهب إلى
المسجد، لحفظ القرآن. المسجد والنهر والحقل، هذه كانت معالم حياتنا. أغلب
أندادي كانوا يتبرمون بالمسجد وحفظ القرآن ولكنني كنت أحب الذهاب إلى
المسجد. لابد أن السبب أنني كنت سريع الحفظ، وكان الشيخ يطلب مني دائماً أن
أقف وأقرأ سورة الرحمن، كلما جاءنا زائر. وكان الزوار يربتون على خدي
ورأسي، تماماً كما كانوا يفعلون حين يرونني مع جدي. نعم كنت أحب المسجد.
وكنت أيضاً أحب النهر. حالما نفرغ من قراءتنا وقت الضحى، كنت أرمي لوحي
الخشبي، وأجري كالجن إلى أمي، والتهم إفطاري بسرعة شديدة واجري إلى النهر
وأغمس نفسي فيه. وحين أكلُّ من السباحة، كنت أجلس على الحافة وأتأمل الشاطئ
الذي ينحني في الشرق ويختبئ وراء غابة كثيفة من شجر الطلع. كنت أحب ذلك.
كنت أسرح بخيالي وأتصور قبيلة من العمالقة يعيشون وراء تلك الغابة … قوم
طوال فحال لهم لحى بيضاء وأنوف حادة مثل أنف جدي. أنف جدي كان كبيراً
حاداً. قبل أن يجيب جدي على أسئلتي الكثيرة، كان دائماً يحك طرف أنفه
بسبابته. ولحية جدي كانت غزيرة ناعمة بيضاء كالقطن. لم أرَ في حياتي بياضاً
أنصع ولا أجمل من بياض لحية جدي. ولابد أن جدي كان فارع الطول، إذ أنني لم
أرَ أحداً في سائر البلد يكلم جدي إلا وهو يتطلع إليه من أسفل، ولم أرَ
جدي يدخل بيتاً إلا وكان ينحني انحناءة كبيرة تذكرني بانحناء النهر وراء
غابة الطلح. كان جدي طويلاً ونحيلاً وكنت أحبه وأتخيل نفسي، حين استوي
رجلاً أذرع الأرض مثله في خطوات واسعة. وأظن جدي كان يؤثرني دون بقية
أحفاده. ولست ألومه، فأولاد أعمامي كانوا أغبياء وكنت أنا طفلاً ذكياً.
هكذا قالوا لي. كنت أعرف متى يريدني جدي أن أضحك ومتى يريدني أن اسكت، وكنت
أتذكر مواعيد صلاته، فاحضر له ((المصلاة)) وأملأ له الإبريق قبل أن يطلب
ذلك مني. كان يلذ له في ساعات راحته أن يستمع إليّ أقرأ له من القرآن بصوت
منغم، وكنت أعرف من وجه جدي أنه أيضاً كان يطرب له. سألته ذات يوم عن جارنا
مسعود. قلت لجدي: (أظنك لا تحب جارنا مسعود؟) فأجاب بعد أن حك طرف أنفه
بسبابته: (لأنه رجل خامل وأنا لا أحب الرجل الخامل). قلت له: (وما الرجل
الخامل؟) فأطرق جدي برهة ثم قال لي: (انظر إلى هذا الحقل الواسع. ألا تراه
يمتد من طرف الصحراء إلى حافة النيل مائة فدان؟ هذا النخل الكثير هل تراه؟
وهذا الشجر؟ سنط وطلح وسيال. كل هذا كان حلالاً بارداً لمسعود، ورثه عن
أبيه). وانتهزت الصمت الذي نزل على جدي، فحولت نظري عن لحيته وأدرته في
الأرض الواسعة التي حددها لي بكلماته. (لست أبالي مَن يملك هذا النخل ولا
ذلك الشجر ولا هذه الأرض السوداء المشققة. كل ما أعرفه أنها مسرح أحلامي
ومرتع ساعات فراغي). بدأ جدي يواصل الحديث: (نعم يا بنيّ. كانت كلها قبل
أربعين عاماً ملكاً لمسعود. ثلثاها الآن لي أنا). كانت هذه حقيقة مثيرة
بالنسبة لي، فقد كنت أحسب الأرض ملكاً لجدي منذ خلق الله الأرض. (ولم أكن
أملك فداناً واحداً حين وطئت قدماي هذا البلد. وكان مسعود يملك كل هذا
الخير. ولكن الحال انقلب الآن، وأظنني قبل أن يتوفاني الله سأشتري الثلث
الباقي أيضاً). لست أدري لماذا أحسست بخوف من كلمات جدي. وشعرت بالعطف على
جارنا مسعود. ليت جدي لا يفعل! وتذكرت غناء مسعود وصوته الجميل وضحكته
القوية التي تشبه صوت الماء المدلوق. جدي لم يكن يضحك أبداً. وسألت جدي
لماذا باع مسعود أرضه؟ (النساء). وشعرت من نطق جدي للكلمة أن (النساء) شيء
فظيع. (مسعود يا بنيَّ رجل مزواج كل مرة تزوج امرأة باع لي فدناً أو
فدانين). وبسرعة حسبت في ذهني أن مسعود لابد أن تزوج تسعين امرأة، وتذكرت
زوجاته الثلاث وحاله المبهدل وحمارته العرجاء وسرجه المكسور وجلبابه الممزق
الأيدي. وكدت أتخلص من الذكرى التي جاشت في خاطري، لولا أنني رأيت الرجل
قادماً نحونا، فنظرت إلى جدي ونظر إليّ. وقال مسعود: ((سنحصد التمر اليوم،
ألا تريد أن تحضر؟)) وأحسست أنه لا يريد جدي أن يحضر بالفعل. ولكن جدي هب
واقفاً، ورأيت عينه تلمع برهة ببريق شديد، وشدني من يدي وذهبنا إلى حصاد
تمر مسعود. وجاء أجد لجدي بمقعد عليه فروة ثور. جلس جدي وظللت أنا واقفاً.
كانوا خلقاً كثيراً. كنت أعرفهم كلهم، ولكنني لسبب ما أخذت أراقب مسعوداً.
كان واقفاً بعيداً عن ذلك الحشد كأن الأمر لا يعنيه، مع أن النخيل الذي
يحصد كان نخله هو، وأحياناً يلفت نظره صوت سبيطة ضخمة من التمر وهي تهوي من
علٍ. ومرة صاح بالصبي الذي استوى فوق قمة النخلة، وأخذ يقطع السبيط بمنجله
الطويل الحاد: ((حاذر لا تقطع قلب النخلة)). ولم ينتبه أحد لما قال،
واستمر الصبي الجالس فوق قمة النخلة يعمل منجله في العرجون بسرعة ونشاط،
وأخذ السبط يهوي كشيء ينزل من السماء. ولكنني أنا أخذت أفكر في قول مسعود:
((قلب النخلة)) وتصورت النخلة شيئاً يحس له قلب ينبض. وتذكرت قول مسعود لي
مرة حين رآني أعبث بجريد نخلة صغيرة: ((النخل يا بنيّ كالادميين يفرح
ويتألم)). وشعرت بحياء داخلي لم أجد له سبباً. ولما نظرت مرة أخرى إلى
الساحة الممتدة أمامي رأيت رفاقي الأطفال يموجون كالنمل تحت جذوع النخل
يجمعون التمر ويأكلون أكثره. واجتمع التمر أكواماً عالية. ثم رأيت قوماً
أقبلوا وأخذوا يكيلونه بمكاييل ويصبونه في أكياس. وعددت منها ثلاثين كيساً.
وانفض الجمع عدا حسين التاجر وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا من الشرق،
ورجلين غريبين لم أرَهما من قبل. وسمعت صفيراً خافتاً، فالتفت فإذا جدي قد
نام، ونظرت فإذا مسعود لم يغير وقفته ولكنه وضع عوداً من القصب في فمه وأخذ
يمضغه مثل شخص شبع من الأكل وبقيت في فمه لقمة واحدة لا يدري ماذا يفعل
بها. وفجأة استيقظ جدي وهب واقفاً ومشى نحو أكياس التمر وتبعه حسين التاجر
وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا والرجلان الغريبان. وسرت أنا وراء جدي
ونظرت إلى مسعود فرأيته يدلف نحونا ببطء شديد كرجل يريد أن يرجع ولكن قدميه
تزيد أن تسير إلى أمام. وتحلقوا كلهم حول أكياس التمر وأخذوا يفحصونه
وبعضهم أخذ منه حبة أو حبتين فأكلها. وأعطاني جدي قبضة من التمر فأخذت
أمضغه. ورأيت مسعوداً يملأ راحته من التمر ويقربه من أنفه ويشمه طويلاً ثم
يعيده إلى مكانه. ورأيتهم يتقاسمونه. حسين التاجر أخذ عشرة أكياس، والرجلان
الغريبان كل منهما أخذ خمسة أكياس. وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا من
ناحية الشرق أخذ خمسة أكياس، وجدي أخذ خمسة أكياس. ولم أفهم شيئاً. ونظرت
إلى مسعود فرأيته زائغ العينين تجري عيناه شمالاً ويميناً كأنهما فأران
صغيران تاها عن حجرهما. وقال جدي لمسعود: ما زلت مديناً لي بخمسين جنيها
نتحدث عنها فيما بعد، ونادى حسين صبيانه فجاؤوا بالحمير، والرجلان الغريبان
جاءا بخمسة جمال. ووضعت أكياس التمر على الحمير والجمال. ونهق أحد الحمير
وأخذ الجمل يرغي ويصيح. وشعرت بنفسي أقترب من مسعود. وشعرت بيدي تمتد إليه
كأني أردت أن ألمس طرف ثوبه. وسمعته يحدث صوتاً في حلقه مثل شخير الحمل حين
يذبح. ولست أدري السبب، ولكنني أحسست بألم حاد في صدري. وعدوت مبتعداً.
وشعرت أنني أكره جدي في تلك اللحظة. وأسرعت العدو كأنني أحمل في داخل صدري
سراً أود أن أتخلص منه. ووصلت إلى حافة النهر قريباً من منحناه وراء غابة
الطلح. ولست أعرف السبب، ولكنني أدخلت إصبعي في حلقي وتقيأت التمر الذي
أكلت.
من حفنة تمر
لابدّ إنني كنت صغيراً جداً حينذاك. لست أذكر كم كان عمري تماماً، ولكنني
أذكر أن الناس حين كانوا يرونني مع جدي كانوا يربتون على رأسي، ويقرصونني
في خدي، ولم يكونوا يفعلون ذلك مع جدي. العجيب أنني لم أكن أخرج أبداً مع
أبي، ولكن جدي كان يأخذني معه حيثما ذهب، إلا في الصباح حين كنت أذهب إلى
المسجد، لحفظ القرآن. المسجد والنهر والحقل، هذه كانت معالم حياتنا. أغلب
أندادي كانوا يتبرمون بالمسجد وحفظ القرآن ولكنني كنت أحب الذهاب إلى
المسجد. لابد أن السبب أنني كنت سريع الحفظ، وكان الشيخ يطلب مني دائماً أن
أقف وأقرأ سورة الرحمن، كلما جاءنا زائر. وكان الزوار يربتون على خدي
ورأسي، تماماً كما كانوا يفعلون حين يرونني مع جدي. نعم كنت أحب المسجد.
وكنت أيضاً أحب النهر. حالما نفرغ من قراءتنا وقت الضحى، كنت أرمي لوحي
الخشبي، وأجري كالجن إلى أمي، والتهم إفطاري بسرعة شديدة واجري إلى النهر
وأغمس نفسي فيه. وحين أكلُّ من السباحة، كنت أجلس على الحافة وأتأمل الشاطئ
الذي ينحني في الشرق ويختبئ وراء غابة كثيفة من شجر الطلع. كنت أحب ذلك.
كنت أسرح بخيالي وأتصور قبيلة من العمالقة يعيشون وراء تلك الغابة … قوم
طوال فحال لهم لحى بيضاء وأنوف حادة مثل أنف جدي. أنف جدي كان كبيراً
حاداً. قبل أن يجيب جدي على أسئلتي الكثيرة، كان دائماً يحك طرف أنفه
بسبابته. ولحية جدي كانت غزيرة ناعمة بيضاء كالقطن. لم أرَ في حياتي بياضاً
أنصع ولا أجمل من بياض لحية جدي. ولابد أن جدي كان فارع الطول، إذ أنني لم
أرَ أحداً في سائر البلد يكلم جدي إلا وهو يتطلع إليه من أسفل، ولم أرَ
جدي يدخل بيتاً إلا وكان ينحني انحناءة كبيرة تذكرني بانحناء النهر وراء
غابة الطلح. كان جدي طويلاً ونحيلاً وكنت أحبه وأتخيل نفسي، حين استوي
رجلاً أذرع الأرض مثله في خطوات واسعة. وأظن جدي كان يؤثرني دون بقية
أحفاده. ولست ألومه، فأولاد أعمامي كانوا أغبياء وكنت أنا طفلاً ذكياً.
هكذا قالوا لي. كنت أعرف متى يريدني جدي أن أضحك ومتى يريدني أن اسكت، وكنت
أتذكر مواعيد صلاته، فاحضر له ((المصلاة)) وأملأ له الإبريق قبل أن يطلب
ذلك مني. كان يلذ له في ساعات راحته أن يستمع إليّ أقرأ له من القرآن بصوت
منغم، وكنت أعرف من وجه جدي أنه أيضاً كان يطرب له. سألته ذات يوم عن جارنا
مسعود. قلت لجدي: (أظنك لا تحب جارنا مسعود؟) فأجاب بعد أن حك طرف أنفه
بسبابته: (لأنه رجل خامل وأنا لا أحب الرجل الخامل). قلت له: (وما الرجل
الخامل؟) فأطرق جدي برهة ثم قال لي: (انظر إلى هذا الحقل الواسع. ألا تراه
يمتد من طرف الصحراء إلى حافة النيل مائة فدان؟ هذا النخل الكثير هل تراه؟
وهذا الشجر؟ سنط وطلح وسيال. كل هذا كان حلالاً بارداً لمسعود، ورثه عن
أبيه). وانتهزت الصمت الذي نزل على جدي، فحولت نظري عن لحيته وأدرته في
الأرض الواسعة التي حددها لي بكلماته. (لست أبالي مَن يملك هذا النخل ولا
ذلك الشجر ولا هذه الأرض السوداء المشققة. كل ما أعرفه أنها مسرح أحلامي
ومرتع ساعات فراغي). بدأ جدي يواصل الحديث: (نعم يا بنيّ. كانت كلها قبل
أربعين عاماً ملكاً لمسعود. ثلثاها الآن لي أنا). كانت هذه حقيقة مثيرة
بالنسبة لي، فقد كنت أحسب الأرض ملكاً لجدي منذ خلق الله الأرض. (ولم أكن
أملك فداناً واحداً حين وطئت قدماي هذا البلد. وكان مسعود يملك كل هذا
الخير. ولكن الحال انقلب الآن، وأظنني قبل أن يتوفاني الله سأشتري الثلث
الباقي أيضاً). لست أدري لماذا أحسست بخوف من كلمات جدي. وشعرت بالعطف على
جارنا مسعود. ليت جدي لا يفعل! وتذكرت غناء مسعود وصوته الجميل وضحكته
القوية التي تشبه صوت الماء المدلوق. جدي لم يكن يضحك أبداً. وسألت جدي
لماذا باع مسعود أرضه؟ (النساء). وشعرت من نطق جدي للكلمة أن (النساء) شيء
فظيع. (مسعود يا بنيَّ رجل مزواج كل مرة تزوج امرأة باع لي فدناً أو
فدانين). وبسرعة حسبت في ذهني أن مسعود لابد أن تزوج تسعين امرأة، وتذكرت
زوجاته الثلاث وحاله المبهدل وحمارته العرجاء وسرجه المكسور وجلبابه الممزق
الأيدي. وكدت أتخلص من الذكرى التي جاشت في خاطري، لولا أنني رأيت الرجل
قادماً نحونا، فنظرت إلى جدي ونظر إليّ. وقال مسعود: ((سنحصد التمر اليوم،
ألا تريد أن تحضر؟)) وأحسست أنه لا يريد جدي أن يحضر بالفعل. ولكن جدي هب
واقفاً، ورأيت عينه تلمع برهة ببريق شديد، وشدني من يدي وذهبنا إلى حصاد
تمر مسعود. وجاء أجد لجدي بمقعد عليه فروة ثور. جلس جدي وظللت أنا واقفاً.
كانوا خلقاً كثيراً. كنت أعرفهم كلهم، ولكنني لسبب ما أخذت أراقب مسعوداً.
كان واقفاً بعيداً عن ذلك الحشد كأن الأمر لا يعنيه، مع أن النخيل الذي
يحصد كان نخله هو، وأحياناً يلفت نظره صوت سبيطة ضخمة من التمر وهي تهوي من
علٍ. ومرة صاح بالصبي الذي استوى فوق قمة النخلة، وأخذ يقطع السبيط بمنجله
الطويل الحاد: ((حاذر لا تقطع قلب النخلة)). ولم ينتبه أحد لما قال،
واستمر الصبي الجالس فوق قمة النخلة يعمل منجله في العرجون بسرعة ونشاط،
وأخذ السبط يهوي كشيء ينزل من السماء. ولكنني أنا أخذت أفكر في قول مسعود:
((قلب النخلة)) وتصورت النخلة شيئاً يحس له قلب ينبض. وتذكرت قول مسعود لي
مرة حين رآني أعبث بجريد نخلة صغيرة: ((النخل يا بنيّ كالادميين يفرح
ويتألم)). وشعرت بحياء داخلي لم أجد له سبباً. ولما نظرت مرة أخرى إلى
الساحة الممتدة أمامي رأيت رفاقي الأطفال يموجون كالنمل تحت جذوع النخل
يجمعون التمر ويأكلون أكثره. واجتمع التمر أكواماً عالية. ثم رأيت قوماً
أقبلوا وأخذوا يكيلونه بمكاييل ويصبونه في أكياس. وعددت منها ثلاثين كيساً.
وانفض الجمع عدا حسين التاجر وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا من الشرق،
ورجلين غريبين لم أرَهما من قبل. وسمعت صفيراً خافتاً، فالتفت فإذا جدي قد
نام، ونظرت فإذا مسعود لم يغير وقفته ولكنه وضع عوداً من القصب في فمه وأخذ
يمضغه مثل شخص شبع من الأكل وبقيت في فمه لقمة واحدة لا يدري ماذا يفعل
بها. وفجأة استيقظ جدي وهب واقفاً ومشى نحو أكياس التمر وتبعه حسين التاجر
وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا والرجلان الغريبان. وسرت أنا وراء جدي
ونظرت إلى مسعود فرأيته يدلف نحونا ببطء شديد كرجل يريد أن يرجع ولكن قدميه
تزيد أن تسير إلى أمام. وتحلقوا كلهم حول أكياس التمر وأخذوا يفحصونه
وبعضهم أخذ منه حبة أو حبتين فأكلها. وأعطاني جدي قبضة من التمر فأخذت
أمضغه. ورأيت مسعوداً يملأ راحته من التمر ويقربه من أنفه ويشمه طويلاً ثم
يعيده إلى مكانه. ورأيتهم يتقاسمونه. حسين التاجر أخذ عشرة أكياس، والرجلان
الغريبان كل منهما أخذ خمسة أكياس. وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا من
ناحية الشرق أخذ خمسة أكياس، وجدي أخذ خمسة أكياس. ولم أفهم شيئاً. ونظرت
إلى مسعود فرأيته زائغ العينين تجري عيناه شمالاً ويميناً كأنهما فأران
صغيران تاها عن حجرهما. وقال جدي لمسعود: ما زلت مديناً لي بخمسين جنيها
نتحدث عنها فيما بعد، ونادى حسين صبيانه فجاؤوا بالحمير، والرجلان الغريبان
جاءا بخمسة جمال. ووضعت أكياس التمر على الحمير والجمال. ونهق أحد الحمير
وأخذ الجمل يرغي ويصيح. وشعرت بنفسي أقترب من مسعود. وشعرت بيدي تمتد إليه
كأني أردت أن ألمس طرف ثوبه. وسمعته يحدث صوتاً في حلقه مثل شخير الحمل حين
يذبح. ولست أدري السبب، ولكنني أحسست بألم حاد في صدري. وعدوت مبتعداً.
وشعرت أنني أكره جدي في تلك اللحظة. وأسرعت العدو كأنني أحمل في داخل صدري
سراً أود أن أتخلص منه. ووصلت إلى حافة النهر قريباً من منحناه وراء غابة
الطلح. ولست أعرف السبب، ولكنني أدخلت إصبعي في حلقي وتقيأت التمر الذي
أكلت.
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:05 pm
>> [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]>>
من الدرر
أيحسبون ذلك الصوت لا يكون له صدى ..
أم يخافون أن يذهب ذلك الاجتهاد سدى ؟
أم لا يعلمون أن مثل هذا الاجتماع منزهاً من المقاصد الدينية منحصراً في
العصبية ال***ية والوطنية ، مؤلفاً من أكثر النحل العربية ، يزلزل الأرض
اضطراباً ويستميل الجول جذباً وإرهاباً ..
فتعود للعرب الضالة التي ينشدونها والحقوق التي يطلبونها .
من الدرر
أيحسبون ذلك الصوت لا يكون له صدى ..
أم يخافون أن يذهب ذلك الاجتهاد سدى ؟
أم لا يعلمون أن مثل هذا الاجتماع منزهاً من المقاصد الدينية منحصراً في
العصبية ال***ية والوطنية ، مؤلفاً من أكثر النحل العربية ، يزلزل الأرض
اضطراباً ويستميل الجول جذباً وإرهاباً ..
فتعود للعرب الضالة التي ينشدونها والحقوق التي يطلبونها .
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:06 pm
>> [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]>>
كلمات له
كان القبر زنزانة يبلغ طولها ثلاثة أمتار وعرضها متر ونصف أما سقفها فوطئ
جداً يتراوح ارتفاعه بين مائة وخمسين ومائة وستين سنتيمترات . و لم يكن
بإمكاني أن أقف فيها.
***
طوال ساعة أو أقل ، أبقيت عيني مفتوحتين ، و فمي فاغراً ، لكي أتجرع ما
أمكن من الضوء ، لكي أستنشق الضياء و أختزله في داخلي ، و أحفظه ملاذاّ لي
فأستذكره كلما أطبقت العتمة ثقيلة فوق جفني ، ابقيت جذعي عارياً لكي يتشبع
جلدي بالضوء و يختزنه كأثمن ما يقتنى .
***
أحلم بأن أسمع كلمات ، بأن أدخلها في رأسي ، و أكسوها بالصور و أجعلها تدور
كدولاب مدينة الملاعب و أضن بها و أستذكرها عندما أشعر بالألم ، عندما
يستبد بي الخوف من الجنون. هيّا ، لا تكن مقتراً ، إحكِ ، إخترع إذاً ما
شئت و لكن إمنحنا شيئاً من مخيلتك .
***
أن نعمر الأشياء مجدداً كأن الحفرة لم تكن هي القبر ، ذلك كان قوام نضالنا ،
المتصل ، الدؤوب ، المعاند. ألا نستسلم. ألا نفكر لا في جلادينا و لا فيمن
خطط و رسم مسبقاً أدق تفاصيل السبيل الذي سيسلكه الموت ، متباطئاً ،
متباطئاً جداً ، الى ان ينتزع أرواحنا دمعة تلو دمعة ، كيما يحل العذاب في
الجسد و يخمد ناره وئيداً حتى الإنطفاء الكلي .
***
عندما أتذكر .. ما عدت أخشى الموت من الحنين. حتى إني لم أعد لم أعد
محتاجاً الى إحراق الصور و إعادة ترتيبها. صرت أقوى من إختبار الدموع الذي
يفضي الى نفق آخر. أرى الى ذكرياتي كأنها ذكريات شخص آخر. و لست ، أنا سوى
دخيل متلصص .
***
فلسوف أكون من الناجين ما دامت لي القدرة على الصلاة و على التواصل مع
الخالق. لقد بلغت أخيراً عتبة الأبدية ، هناك حيث لا وجود لحقد البشر و
خستهم و صغاراتهم. هكذا بلغت ، او كنت أعتقد أني بلغت ، وحدة سامية ، تلك
التي ترتقي بي فوق الظلمات و تبعدني عن المتجبرين على كائنات ضعيفة. ما عاد
في صدري لأنين. لقد أحيلت جميع أعضاء جسمي كلها الى الصمت ، إلى شكل من
أشكال السكون الذي لم يكن تماماً هو الراحة ، و لا الموت .
***
الشيء الوحيد الذي تمكنت من المحافظة عليه هو رأسي ، عقلي. كنت أتخلى لهم
عن أعضائي , و رجائي ألا يتمكنوا من ذهني ، من حريتي ، من نفحة الهواء
الطلق ، من البصيص الخافت في ليلي. ألوذ بدفاعاتي متغافلاً عن خطتهم. تعلمت
أن أتخلى عن جسدي. فالجسد هو ذلك المرئي. كانوا يرونه ، و يستطيعون لمسه و
بضْعَه بنصلٍ محمّى بالنار ، بإمكانهم تعذيبه ، و تجويعه ، و تعريضه
للعقارب ، للبرد المجمد ، غير إني كنت حريصاً أن يبقى ذهني بمنأى عنهم. كان
قوتي الوحيدة .
كلمات له
كان القبر زنزانة يبلغ طولها ثلاثة أمتار وعرضها متر ونصف أما سقفها فوطئ
جداً يتراوح ارتفاعه بين مائة وخمسين ومائة وستين سنتيمترات . و لم يكن
بإمكاني أن أقف فيها.
***
طوال ساعة أو أقل ، أبقيت عيني مفتوحتين ، و فمي فاغراً ، لكي أتجرع ما
أمكن من الضوء ، لكي أستنشق الضياء و أختزله في داخلي ، و أحفظه ملاذاّ لي
فأستذكره كلما أطبقت العتمة ثقيلة فوق جفني ، ابقيت جذعي عارياً لكي يتشبع
جلدي بالضوء و يختزنه كأثمن ما يقتنى .
***
أحلم بأن أسمع كلمات ، بأن أدخلها في رأسي ، و أكسوها بالصور و أجعلها تدور
كدولاب مدينة الملاعب و أضن بها و أستذكرها عندما أشعر بالألم ، عندما
يستبد بي الخوف من الجنون. هيّا ، لا تكن مقتراً ، إحكِ ، إخترع إذاً ما
شئت و لكن إمنحنا شيئاً من مخيلتك .
***
أن نعمر الأشياء مجدداً كأن الحفرة لم تكن هي القبر ، ذلك كان قوام نضالنا ،
المتصل ، الدؤوب ، المعاند. ألا نستسلم. ألا نفكر لا في جلادينا و لا فيمن
خطط و رسم مسبقاً أدق تفاصيل السبيل الذي سيسلكه الموت ، متباطئاً ،
متباطئاً جداً ، الى ان ينتزع أرواحنا دمعة تلو دمعة ، كيما يحل العذاب في
الجسد و يخمد ناره وئيداً حتى الإنطفاء الكلي .
***
عندما أتذكر .. ما عدت أخشى الموت من الحنين. حتى إني لم أعد لم أعد
محتاجاً الى إحراق الصور و إعادة ترتيبها. صرت أقوى من إختبار الدموع الذي
يفضي الى نفق آخر. أرى الى ذكرياتي كأنها ذكريات شخص آخر. و لست ، أنا سوى
دخيل متلصص .
***
فلسوف أكون من الناجين ما دامت لي القدرة على الصلاة و على التواصل مع
الخالق. لقد بلغت أخيراً عتبة الأبدية ، هناك حيث لا وجود لحقد البشر و
خستهم و صغاراتهم. هكذا بلغت ، او كنت أعتقد أني بلغت ، وحدة سامية ، تلك
التي ترتقي بي فوق الظلمات و تبعدني عن المتجبرين على كائنات ضعيفة. ما عاد
في صدري لأنين. لقد أحيلت جميع أعضاء جسمي كلها الى الصمت ، إلى شكل من
أشكال السكون الذي لم يكن تماماً هو الراحة ، و لا الموت .
***
الشيء الوحيد الذي تمكنت من المحافظة عليه هو رأسي ، عقلي. كنت أتخلى لهم
عن أعضائي , و رجائي ألا يتمكنوا من ذهني ، من حريتي ، من نفحة الهواء
الطلق ، من البصيص الخافت في ليلي. ألوذ بدفاعاتي متغافلاً عن خطتهم. تعلمت
أن أتخلى عن جسدي. فالجسد هو ذلك المرئي. كانوا يرونه ، و يستطيعون لمسه و
بضْعَه بنصلٍ محمّى بالنار ، بإمكانهم تعذيبه ، و تجويعه ، و تعريضه
للعقارب ، للبرد المجمد ، غير إني كنت حريصاً أن يبقى ذهني بمنأى عنهم. كان
قوتي الوحيدة .
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:06 pm
>> [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]>>
من كتاب وحي القلم
جاء يوم العيد ، يوم الخروج من الزمن إلى زمن وحدَه لا يستمر أكثرَ من يوم .
زمنٌ قصير ظريف ضاحك ، تفرضهُ الأديان على الناس ، ليكونَ لهم بين الحين والحين يومٌ طبيعي في هذه الحياة التي انتقلت عن طبيعتها .
يوم السلام ، والبِشر ، والضحك ، والوفاء ،والإخاء ، وقول الإنسان للإنسان : وأنتم بخير ! .
يوم الثياب الجديدة على الكل إشعاراً لهم بأنّ الوجهَ الإنسانيّ جديدٌ في هذا اليوم .
يوم الزينةِ التي لا يُراد منها إلا إظهار أثرها على النفسِ ليكون الناسُ جميعاً في يومِ حُـب .
يوم العيد ؛ يوم تقديم الحلوى إلى كل فم لتحلوَ الكلماتُ فيه ...
يوم تعم فيه الناس ألفاظ الدعاء والتهنئة مرتفعةً بقوة إلهية فوق منازعات الحياة .
ذلك اليوم الذي ينظرُ فيه الإنسان إلى نفسه نظرةً تلمح السعادة ، وإلى أهله
نظرةً تُبصر الإعزاز ، وإلى دارهِ نظرة تدرك الجمال ، وإلى الناس نظرةً
ترى الصداقة .
ومن كل هذه النظرات تستوي له النظرة الجميلة إلى الحياة والعالم ، فتبهج نفسه بالعالم والحياة .
وما أسماها نظرة تكشفُ للإنسان أنّ الكل جمالهُ في الكل .
----------
المصدر : اجتلاء (وحي القلم (ج2))
***
لا يكون السرور دائماً إلا جديداً على النفس ، ولا سرور للنفس إلا من جديد
على حالة من أحوالها ؛ فلو لم يكن في كل دينار قوة جديدة غيرُ التي في
مثلهِ لما سرّ بالمال أحد ، وما كان الخطر الذي هو له ؛ ولو لم يكن لكل
طعام جوع يوردهُ جديداً على المعدة لما هنأ ولامرَأ ، ولو لم يكن الليل بعد
نهار ، والنهار بعد ليل ، والفصول كلها نقيضاً على نقيضهِ ، وشيئاً
مختلفاً على شيء مختلف .. لما كان في السماء والأرض جمال ، ولا إحساس بهما ؛
والطبيعة التي لا تفلح في جعلكَ معها طفلاً تكون جديداً على نفسك لن تفلح
في جعلك مسروراً بها لتكون هيَ جديدة عليك .
***
كما تطلع الشمس بأنوارها فتفجّر ينبوع الضوء المسمى النهار ، يولد النبي
فيوجد في الانسانية ينبوع النور المسمى بالدين . وليس النهار إلا يقظة
الحياة تحقق أعمالها ، وليس الدين إلا يقظة النفس تحقق فضائلها .
والشمس خلقها الله حاملة طابعهُ الالهي ، في عملها للمادة تحول به وتغيّر ؛
والنبي يرسله الله حاملا مثل ذلك الطابع في عمله تترقى فيه وتسمو .
ورعشان الضوء من الشمس هي قصّة الهداية للكون في كلام من النور ، وأشعّة
الوحي في النبي هي قصة الهداية لإنسان الكون في نور من الكلام .
والعامل الإلهي العظيم يعمل في نظام النفس والأرض بأداتين متشابهتين :
أجرام النور من الشموس والكواكب ، وأجرام العقل من الرسل والأنبياء .
فليس النبي إنسانا من العظماء يقرأ تاريخه بالفكر معه المنطق ، ومع المنطق
الشك ، ثم يدرس بكل ذلك على أصول الطبيعة البشرية العامة ؛ ولكنه إنسان
نجميّ يقرأ بمثل " التلسكوب " في الدقة ، معه العلم ، ومع العلم الايمان ؛
ثم يدرس بكل ذلك على أصول طبيعتهِ النورانية وحدها .
والحياة تنشيء علم التاريخ ، ولكن هذه الطريقة في درس الأنبياء ( صلوات
الله عليهم ) ، تجعل التاريخ هو ينشيء علم الحياة ؛ فإنما النبي إشراق إلهي
على الإنسانية ، يقوّمها في فلكها الأخلاقي ، ويجذبها إلى الكمال في نظام
هو بعينهِ صورة لقانون الجاذبية في الكواكب .
------------
من كتاب وحي القلم
جاء يوم العيد ، يوم الخروج من الزمن إلى زمن وحدَه لا يستمر أكثرَ من يوم .
زمنٌ قصير ظريف ضاحك ، تفرضهُ الأديان على الناس ، ليكونَ لهم بين الحين والحين يومٌ طبيعي في هذه الحياة التي انتقلت عن طبيعتها .
يوم السلام ، والبِشر ، والضحك ، والوفاء ،والإخاء ، وقول الإنسان للإنسان : وأنتم بخير ! .
يوم الثياب الجديدة على الكل إشعاراً لهم بأنّ الوجهَ الإنسانيّ جديدٌ في هذا اليوم .
يوم الزينةِ التي لا يُراد منها إلا إظهار أثرها على النفسِ ليكون الناسُ جميعاً في يومِ حُـب .
يوم العيد ؛ يوم تقديم الحلوى إلى كل فم لتحلوَ الكلماتُ فيه ...
يوم تعم فيه الناس ألفاظ الدعاء والتهنئة مرتفعةً بقوة إلهية فوق منازعات الحياة .
ذلك اليوم الذي ينظرُ فيه الإنسان إلى نفسه نظرةً تلمح السعادة ، وإلى أهله
نظرةً تُبصر الإعزاز ، وإلى دارهِ نظرة تدرك الجمال ، وإلى الناس نظرةً
ترى الصداقة .
ومن كل هذه النظرات تستوي له النظرة الجميلة إلى الحياة والعالم ، فتبهج نفسه بالعالم والحياة .
وما أسماها نظرة تكشفُ للإنسان أنّ الكل جمالهُ في الكل .
----------
المصدر : اجتلاء (وحي القلم (ج2))
***
لا يكون السرور دائماً إلا جديداً على النفس ، ولا سرور للنفس إلا من جديد
على حالة من أحوالها ؛ فلو لم يكن في كل دينار قوة جديدة غيرُ التي في
مثلهِ لما سرّ بالمال أحد ، وما كان الخطر الذي هو له ؛ ولو لم يكن لكل
طعام جوع يوردهُ جديداً على المعدة لما هنأ ولامرَأ ، ولو لم يكن الليل بعد
نهار ، والنهار بعد ليل ، والفصول كلها نقيضاً على نقيضهِ ، وشيئاً
مختلفاً على شيء مختلف .. لما كان في السماء والأرض جمال ، ولا إحساس بهما ؛
والطبيعة التي لا تفلح في جعلكَ معها طفلاً تكون جديداً على نفسك لن تفلح
في جعلك مسروراً بها لتكون هيَ جديدة عليك .
***
كما تطلع الشمس بأنوارها فتفجّر ينبوع الضوء المسمى النهار ، يولد النبي
فيوجد في الانسانية ينبوع النور المسمى بالدين . وليس النهار إلا يقظة
الحياة تحقق أعمالها ، وليس الدين إلا يقظة النفس تحقق فضائلها .
والشمس خلقها الله حاملة طابعهُ الالهي ، في عملها للمادة تحول به وتغيّر ؛
والنبي يرسله الله حاملا مثل ذلك الطابع في عمله تترقى فيه وتسمو .
ورعشان الضوء من الشمس هي قصّة الهداية للكون في كلام من النور ، وأشعّة
الوحي في النبي هي قصة الهداية لإنسان الكون في نور من الكلام .
والعامل الإلهي العظيم يعمل في نظام النفس والأرض بأداتين متشابهتين :
أجرام النور من الشموس والكواكب ، وأجرام العقل من الرسل والأنبياء .
فليس النبي إنسانا من العظماء يقرأ تاريخه بالفكر معه المنطق ، ومع المنطق
الشك ، ثم يدرس بكل ذلك على أصول الطبيعة البشرية العامة ؛ ولكنه إنسان
نجميّ يقرأ بمثل " التلسكوب " في الدقة ، معه العلم ، ومع العلم الايمان ؛
ثم يدرس بكل ذلك على أصول طبيعتهِ النورانية وحدها .
والحياة تنشيء علم التاريخ ، ولكن هذه الطريقة في درس الأنبياء ( صلوات
الله عليهم ) ، تجعل التاريخ هو ينشيء علم الحياة ؛ فإنما النبي إشراق إلهي
على الإنسانية ، يقوّمها في فلكها الأخلاقي ، ويجذبها إلى الكمال في نظام
هو بعينهِ صورة لقانون الجاذبية في الكواكب .
------------
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:06 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]>>
من كتاب رسائل الأحزان
سأكتبُ هذه الكلمات المرتعشة ، وسأبسط رعدة قلبي في ألفاظها ومعانيها ،
أكتب عن (..) ذلك الاسم الذي كان سنة كاملة من عمر هذا القلب ، على حين أن
السعادة قد تكون لحظات من هذا العمر الذي لا يعدّ بالسنين ولكن بالعواطف ،
فلا يسعني لا أن أرد خواطري إلى القلب لتنصبغَ في الدم قبل أن تنصبغ في
الحبر ثم تخرج إلى الدنيا من هناك بل ما يخفق وما يزفر وما يئنّ . " من
هناك" ! آه . من ترى في الناس يعرف معنى هذه الكلمة ويتسع فكرهُ لهذا الظرف
المكاني الذي أشير إليه ؟ إنّ العقل ليمد أكنافه على السموات فيسعها خيالا
كما ترى بعينيك في ماء الغدير شبكة السماء كلها محبوكة من خيوط الضوء ،
مفصّلة بعقد النجوم . ولكن هناك ؛ في القلب ؛ عند ملتقى سر الحياة وسر
محييها ؛ في القلب ؛ عند النقطة التي يتقطع فيها الطرف بينكَ وبين من تحب ،
حين تريد الجميلة أن تقول لك أول مرة أحبك ؛ ولا تقولها . هناك ؛ في القلب
؛ وعند موضع الهوى الذي ينشعب فيه خيط من نظرك وخيط من نظرها فيلتبسان
فتكوّن منهما عقدة من أصعب وأشد عقد الحياة . هناك ؟ هذا معنى "هناك " .
سأكتب أشياء وأضمر على أخرى لا أبوح بها ، وما دام لكل امريء باطن لا يشركه
فيه إلا الغيب وحده ففي كل إنسان تعرفهُ إنسان لا تعرفه . وليست على
المعاني والخواطر سمات تميز بعها من بعض كبياض الأبيض وسواد الأسود ؛ فأنا
وحدي أعرف سبب الزلزلة التي أصفها ، والناس بعد كأولئك الخياليين القدماء
الذين كانوا يقولون متى اهتزّت أثقال الأرض : أن إله المصارعة ينبض قلبه
الآن .... وأعرف سبب البركان المنفجر وكانت خرافة الأقدمين عندما تتمزع
الأرض من الغيظ وتلعنهم بألفاظ من النار : أن إله الحدادة ينفخُ في الكير
... أنا وحدي أعرف ما اندمج عليه وما يكنّه قلبي المتألم الذي أصبح يضطرب
اضطراب الورقة اليابسة في شجرتها نافرة تتململ إن عفت عنها نسمة لا تعفو
النسمات ككلها . فسآتيك في رسائلي بالكلام الصحيح والكلام المريض ويتشعب
عليك من خبري أمور وأمور ، فلا تحاول أن تهتك سر هذا القلب . وإذا صح أن
الانسان انطوى فيه العالم الأكبر فقد صح أن السماء انطوت في قلب الإنسان .
ما أبعدكَ عن السماء ! ، انظر .. انظر فإنّ السماء تقول لك أيضاً أنها معنى
" هناك " ! . "
من كتاب رسائل الأحزان
سأكتبُ هذه الكلمات المرتعشة ، وسأبسط رعدة قلبي في ألفاظها ومعانيها ،
أكتب عن (..) ذلك الاسم الذي كان سنة كاملة من عمر هذا القلب ، على حين أن
السعادة قد تكون لحظات من هذا العمر الذي لا يعدّ بالسنين ولكن بالعواطف ،
فلا يسعني لا أن أرد خواطري إلى القلب لتنصبغَ في الدم قبل أن تنصبغ في
الحبر ثم تخرج إلى الدنيا من هناك بل ما يخفق وما يزفر وما يئنّ . " من
هناك" ! آه . من ترى في الناس يعرف معنى هذه الكلمة ويتسع فكرهُ لهذا الظرف
المكاني الذي أشير إليه ؟ إنّ العقل ليمد أكنافه على السموات فيسعها خيالا
كما ترى بعينيك في ماء الغدير شبكة السماء كلها محبوكة من خيوط الضوء ،
مفصّلة بعقد النجوم . ولكن هناك ؛ في القلب ؛ عند ملتقى سر الحياة وسر
محييها ؛ في القلب ؛ عند النقطة التي يتقطع فيها الطرف بينكَ وبين من تحب ،
حين تريد الجميلة أن تقول لك أول مرة أحبك ؛ ولا تقولها . هناك ؛ في القلب
؛ وعند موضع الهوى الذي ينشعب فيه خيط من نظرك وخيط من نظرها فيلتبسان
فتكوّن منهما عقدة من أصعب وأشد عقد الحياة . هناك ؟ هذا معنى "هناك " .
سأكتب أشياء وأضمر على أخرى لا أبوح بها ، وما دام لكل امريء باطن لا يشركه
فيه إلا الغيب وحده ففي كل إنسان تعرفهُ إنسان لا تعرفه . وليست على
المعاني والخواطر سمات تميز بعها من بعض كبياض الأبيض وسواد الأسود ؛ فأنا
وحدي أعرف سبب الزلزلة التي أصفها ، والناس بعد كأولئك الخياليين القدماء
الذين كانوا يقولون متى اهتزّت أثقال الأرض : أن إله المصارعة ينبض قلبه
الآن .... وأعرف سبب البركان المنفجر وكانت خرافة الأقدمين عندما تتمزع
الأرض من الغيظ وتلعنهم بألفاظ من النار : أن إله الحدادة ينفخُ في الكير
... أنا وحدي أعرف ما اندمج عليه وما يكنّه قلبي المتألم الذي أصبح يضطرب
اضطراب الورقة اليابسة في شجرتها نافرة تتململ إن عفت عنها نسمة لا تعفو
النسمات ككلها . فسآتيك في رسائلي بالكلام الصحيح والكلام المريض ويتشعب
عليك من خبري أمور وأمور ، فلا تحاول أن تهتك سر هذا القلب . وإذا صح أن
الانسان انطوى فيه العالم الأكبر فقد صح أن السماء انطوت في قلب الإنسان .
ما أبعدكَ عن السماء ! ، انظر .. انظر فإنّ السماء تقول لك أيضاً أنها معنى
" هناك " ! . "
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:06 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]>>
من كتاب نسيان.com
ليشهد الأدب أنّني بلّغت!
"الحبّ مثل الموت وعد لا يردّ و لا يزول"
(محمود درويش)
أكبر لغزين في الحياة هما قطعًا الموت والحبّ.
كلاهما ضربة قدر صاعقة لا تفسير لها خارج ( المكتوب ). لذا، تتغذّى الأعمال
الإبداعيّة الكبرى من الأسئلة الوجوديّة المحيّرة التي تدور حولهما .
ذلك أنّ لا أحد يدري لماذا يأتي الموت في هذا المكان دون غيره، ليأخذ هذا
الشخص دون سواه، بهذه الطريقة لا بأخرى، و لا لماذا نقع في حبّ شخص بالذات .
لماذا هو ؟ لماذا نحن ؟ لماذا هنا ؟ لماذا الآن ؟
لا أحد عاد من الموت ليخبرنا ماذا بعد الموت. لكن الذين عادوا من " الحبّ
الكبير " ناجين أو مدمّرين، في إمكانهم أن يقصّوا علينا عجائبه، ويصفوا لنا
سحره وأهواله، وأن ينبّهونا إلى مخاطره ومصائبه، لوجه الله .. أو لوجه
الأدب.
إذا لم يكن للأدب في حياتنا دور المرشد العاطفيّ من يتولاه إذن ؟
ومن يعدّنا لتلك المغامرة الوجدانيّة الكبرى، التي ستهزّ كياننا عندما لا
نكون مهيّئين لها. وستواصل ارتجاجاتها التأثير في أقدارنا و خياراتنا، حتى
بعد أن ينتهي الحبّ ويتوقّف زلزاله.
إن كانت الهزّات العاطفيّة قدرًا مكتوبًا علينا، كما كُتبَتْ الزلازل على
اليابان، فلنتعلّم من اليابانيين إذن، الذين هزموا الزلزال بالاستعداد له،
عندما اكتشفوا أنّهم يعيشون وسط حزامه.
يمرّ زلزال خفيف على بلد عربي، فيدمّر مدينة عن بكرة أبيها، ويقضي على
الحياة فيها لسنوات عدة. ذلك أنّ الإنسان العربي قدريّ بطبعه، يترك للحياة
مهمّة تدبّر أمره، و في الحياة كما في الحبّ لا يرى أبعد من يومه. وهو جاهز
تمامًا لأن يموت ضحيّة الكوارث الطبيعيّة أو الكوارث العشقيّة، لأنّه يحمل
في تكوينه جينات التضحيات الغبيّة للوطن و للحاكم المستبد.. و للعائلة و
الأصدقاء و للحبيب .
و تصمد جزر اليابان يوميًّا في وجه أقوى الزلازل. كلّ مرة تخرج أبراجها
واقفة و أبناؤها سالمين. عندهم يعاد إصلاح أضرار الزلازل في بضعة أيام. و
تعدّ الخسائر البشرية بأرقام مقياس ريختر.. لا بقوّته. فقلّما تجاوز
الضحايا عدد أصابع اليد .
صنعت اليابان معجزاتها بعقلها، و صنعنا كوارثنا جميعها بعواطفنا.
ماذا لو أعلنّا الحبّ كارثة طبيعيّة بمرتبة إعصار أو زلزال أو حرائق
موسميّة. لو جرّبنا الاستعداد لدمار الفراق بتقوية عضلة قلبنا الذي صَنعَتْ
سذاجته و هشاشته الأغاني العاطفيّة و الأفلام المصرية التي تربّينا عليها.
كما المباني اليابانيّة المدروس عمارها ليتحرّك مع كلّ هزّة علينا أن نكتسب
مرونة التأقلم مع كلّ طارئ عشقيّ. و التكيّف مع الهزّات العاطفيّة و
ارتجاجات جدران القلب التي تنهار بها تلك الأشياء التي أثّثنا بها
أحاسيسنا. و اعتقدنا أنّها ثابتة و مسمّرة إلى جدران القلب إلى الأبد.
علينا أن نربّي قلبنا مع كلّ حبّ على توقّع احتمال الفراق. و التأقلم مع
فكرة الفراق قبل التأقلم مع واقعه. ذلك أنّ في الفكرة يكمن شقاؤنا.
ماذا لو جرّبنا الاستعداد للحبّ بشيء من العقل ؟ لو قمنا بتقوية عضلة القلب
بتمارين يوميّة على الصبر على من نحبّ. أن نقاوم السقوط في فخاخ الذاكرة
العاطفيّة التي فيها قصاصنا المستقبلي. أن ندخل الحبّ بقلب من " تيفال "،
لا يعلق بجدرانه شيء من الماضي. أن نذهب إلى الحبّ كما نغادره دون جراح،
دون أسًى، لأنّنا مصفّحين ضدّ الأوهام العاطفيّة. ماذا لو تعلّمنا ألّا
نحبّ دفعة واحدة، و ألّا نعطي أنفسنا بالكامل، وأن نتعامل مع هذا الغريب لا
كحبيب، بل كمحتل لقلبنا وجسدنا وحواسنا، ألّا يغادرنا احتمال أن يتحوّل
اسمه الذي تنتشي لسماعه حواسنا، إلى اسم لزلزال أو إعصار يكون على يده
حتفنا و هلاكنا ؟
أيّتها العاشقات الساذّجات، الطيّبات، الغبيّات.. ضعن هذا القول نصب أعينكن: "ويل لخلّ لم ير في خله عدوًّا".
ليشهد الأدب أنّني بلّغت !
***
الاستيقاظ الموجع من الخدر العشقي
لا توقظو المرأة التي تحب .. دعوها في أحلامها حتى لا تبكي عندما تعود الى الواقع المر .
مارك توين
صباح الخير.. إنّها التاسعة بتوقيت النسيان.
انتهى سباتك الشتوي عزيزتي.
قومي من تحت الردم ..قومي من حزنك قومي . افتحي نوافذ الحياة و إلّا دخل
الصقيع إلى قلبك و بقي هناك. كنت غزالة و أصبحت من دببة القطب الشمالي
تنامين سبعة أشهر. بأيّة حقنة تمّ تخديرك؟ بالشغف ؟ بالولع ؟ الوله ؟
الهيام ؟ الغرام ؟ الصبابة ؟
تدرين كم للحبّ من اسم ؟ تسعون اسمًا حسب مراتب العشق و جنونه. ستعرفين من
مدّة غيبوبتك، في أيّة درجة من العشق كنت حين خلدت إلى النوم على تلك
الغيمة القطنيّة البيضاء متوسّدة أحلامك.
ما توقّعتها ستمطر و ترمي بك أرضًا من العلوّ الشاهق للأوهام. لذا ما أخذت
معك كما المظليّين ما يضمن نزولك بسلامة. فالسقوط المفاجئ ما كان ضمن
حساباتك و الآن قلبك لا يتوقّف عن الإصغاء لصوت ما تهشّم داخلك من أشياء
سيصعب عليك ترميمها.
لا تدعي منظر الخراب يشوّه مزاجك. و يشلّ قدرتك على الوقوف." نقع سبع مرات و
نقوم ثمانية " يقول اليابانيون. قومي. ما ينتظرك أجمل مما يحيط بك. اشتري
أحذية لأحلامك و ستصبح كلّ الطرقات إلى الفرح سالكة.
سدًى تنتظرين.
لا الحبّ يستطيع من أجلك شيئًا و لا النسيان. لا زوارق في الأفق.. غادري مرفأ الانتظار.
هو لن يعود طالما أنت في انتظاره.
أنت لن تكسبيه إلّا بفقدانه لك. و لن تحافظي عليه إلّا بحرمانه منك.
ثمّة رجال لا تكسبينهم إلّا بالخسارة. عندما ستنسينه حقًّا، سيتذكّرك. ذلك أنّنا لا ننسى خساراتنا !
***
كما ينسى الرجال
"أفضل ما يمكن توقّعه من الرجال هو النسيان"
( فرانسوا مورياك)
"ما عاد بإمكاننا أن نتحدّث مع من نحبّ و ليس هذا بالصمت"
( رينيه شار )
إن كان سلاح المرأة دموعها. أو هكذا يقول الرجال الذين ما استطاعوا الدفاع
عن أنفسهم بمجاراتها في البكاء. فقد عثر الرجل على سلاح ليس ضمن ترسانة
المرأة. و لا تعرف كيف تواجهه لأنّها ليست مهيّأة له في تكوينها النفسي.
لذا عندما يشهره الرجل في وجهها يتلخبط جهاز الالتقاط لديها و يتعطّل
رادارها. إنّها تصاب بعمى الأنوثة أمام الضوء الساطع لرجل اختار أن يقف في
عتمة الصمت.
لا امرأة تستطيع تفسير صمت رجل. و لا الجزم بأنّها تعرف تماماً محتوى
الرسالة التي أراد إيصالها إليها. خاصة إن كانت تحبّه. فالحبّ عمًى آخر في
حدّ ذاته. ( أمّا عندما تكفّ عن حبّه فلا صمته و لا كلامه يعنيانها و هنا
قد يخطئ الرجل في مواصلة إشهار سلاحه خارج ساحة المعركة على امرأة هو نفسه
ما عاد موجودًا في مجال رؤيتها ! ) كما أنّ بعض من يعاني من ازدواجيّة
المشاعر يغدو الصمت عنده سوطًا يريد به جلدك فيجلد به نفسه.
تكمن قوة الصمت الرجالي في كونه سلاح تضليلي. إنه حالة التباس كتلك البدلة
المرقطة التي يرتديها الجنود كي يتسنّى لهم التلاشي في أيّة ساحة للقتال.
إنّهم يأخذون لون أيّ فضاء يتحرّكون فيه.
نصيحه ..
تعلّمي أن تميّزي بين صمت الكبار و الصمت الكبير. فصمت الكبار يقاس بوقعه، و الصمت الكبير بمدّته.
الكبار يقولون في صمتهم بين جملتين أو في صمتهم أثناء عشاء حميم ما لا
يقوله غيرهم خلال أشهر من الصمت. ذلك أنّ الصمت يحتاج في لحظة ما أن يكسره
الكلام ليكون صمتًا.
أمّا الصمت المفتوح على مزيد من الصمت، فهو يشي بضعف أو خلل عاطفيّ ما
يخفيه صاحبه خلف قناع الصمت خوفًا من المواجهة. وحده الذي يتقن متى يجب كسر
الصمت. و ينتقي كجوهرجي كلماته بين صمتين يليق به صمت الكبار.
تعلّمي الإصغاء إلى صمت من تحبّين، لا إلى كلامه فقط. فوحده الصمت يكشف معدن الرجال.
من كتاب نسيان.com
ليشهد الأدب أنّني بلّغت!
"الحبّ مثل الموت وعد لا يردّ و لا يزول"
(محمود درويش)
أكبر لغزين في الحياة هما قطعًا الموت والحبّ.
كلاهما ضربة قدر صاعقة لا تفسير لها خارج ( المكتوب ). لذا، تتغذّى الأعمال
الإبداعيّة الكبرى من الأسئلة الوجوديّة المحيّرة التي تدور حولهما .
ذلك أنّ لا أحد يدري لماذا يأتي الموت في هذا المكان دون غيره، ليأخذ هذا
الشخص دون سواه، بهذه الطريقة لا بأخرى، و لا لماذا نقع في حبّ شخص بالذات .
لماذا هو ؟ لماذا نحن ؟ لماذا هنا ؟ لماذا الآن ؟
لا أحد عاد من الموت ليخبرنا ماذا بعد الموت. لكن الذين عادوا من " الحبّ
الكبير " ناجين أو مدمّرين، في إمكانهم أن يقصّوا علينا عجائبه، ويصفوا لنا
سحره وأهواله، وأن ينبّهونا إلى مخاطره ومصائبه، لوجه الله .. أو لوجه
الأدب.
إذا لم يكن للأدب في حياتنا دور المرشد العاطفيّ من يتولاه إذن ؟
ومن يعدّنا لتلك المغامرة الوجدانيّة الكبرى، التي ستهزّ كياننا عندما لا
نكون مهيّئين لها. وستواصل ارتجاجاتها التأثير في أقدارنا و خياراتنا، حتى
بعد أن ينتهي الحبّ ويتوقّف زلزاله.
إن كانت الهزّات العاطفيّة قدرًا مكتوبًا علينا، كما كُتبَتْ الزلازل على
اليابان، فلنتعلّم من اليابانيين إذن، الذين هزموا الزلزال بالاستعداد له،
عندما اكتشفوا أنّهم يعيشون وسط حزامه.
يمرّ زلزال خفيف على بلد عربي، فيدمّر مدينة عن بكرة أبيها، ويقضي على
الحياة فيها لسنوات عدة. ذلك أنّ الإنسان العربي قدريّ بطبعه، يترك للحياة
مهمّة تدبّر أمره، و في الحياة كما في الحبّ لا يرى أبعد من يومه. وهو جاهز
تمامًا لأن يموت ضحيّة الكوارث الطبيعيّة أو الكوارث العشقيّة، لأنّه يحمل
في تكوينه جينات التضحيات الغبيّة للوطن و للحاكم المستبد.. و للعائلة و
الأصدقاء و للحبيب .
و تصمد جزر اليابان يوميًّا في وجه أقوى الزلازل. كلّ مرة تخرج أبراجها
واقفة و أبناؤها سالمين. عندهم يعاد إصلاح أضرار الزلازل في بضعة أيام. و
تعدّ الخسائر البشرية بأرقام مقياس ريختر.. لا بقوّته. فقلّما تجاوز
الضحايا عدد أصابع اليد .
صنعت اليابان معجزاتها بعقلها، و صنعنا كوارثنا جميعها بعواطفنا.
ماذا لو أعلنّا الحبّ كارثة طبيعيّة بمرتبة إعصار أو زلزال أو حرائق
موسميّة. لو جرّبنا الاستعداد لدمار الفراق بتقوية عضلة قلبنا الذي صَنعَتْ
سذاجته و هشاشته الأغاني العاطفيّة و الأفلام المصرية التي تربّينا عليها.
كما المباني اليابانيّة المدروس عمارها ليتحرّك مع كلّ هزّة علينا أن نكتسب
مرونة التأقلم مع كلّ طارئ عشقيّ. و التكيّف مع الهزّات العاطفيّة و
ارتجاجات جدران القلب التي تنهار بها تلك الأشياء التي أثّثنا بها
أحاسيسنا. و اعتقدنا أنّها ثابتة و مسمّرة إلى جدران القلب إلى الأبد.
علينا أن نربّي قلبنا مع كلّ حبّ على توقّع احتمال الفراق. و التأقلم مع
فكرة الفراق قبل التأقلم مع واقعه. ذلك أنّ في الفكرة يكمن شقاؤنا.
ماذا لو جرّبنا الاستعداد للحبّ بشيء من العقل ؟ لو قمنا بتقوية عضلة القلب
بتمارين يوميّة على الصبر على من نحبّ. أن نقاوم السقوط في فخاخ الذاكرة
العاطفيّة التي فيها قصاصنا المستقبلي. أن ندخل الحبّ بقلب من " تيفال "،
لا يعلق بجدرانه شيء من الماضي. أن نذهب إلى الحبّ كما نغادره دون جراح،
دون أسًى، لأنّنا مصفّحين ضدّ الأوهام العاطفيّة. ماذا لو تعلّمنا ألّا
نحبّ دفعة واحدة، و ألّا نعطي أنفسنا بالكامل، وأن نتعامل مع هذا الغريب لا
كحبيب، بل كمحتل لقلبنا وجسدنا وحواسنا، ألّا يغادرنا احتمال أن يتحوّل
اسمه الذي تنتشي لسماعه حواسنا، إلى اسم لزلزال أو إعصار يكون على يده
حتفنا و هلاكنا ؟
أيّتها العاشقات الساذّجات، الطيّبات، الغبيّات.. ضعن هذا القول نصب أعينكن: "ويل لخلّ لم ير في خله عدوًّا".
ليشهد الأدب أنّني بلّغت !
***
الاستيقاظ الموجع من الخدر العشقي
لا توقظو المرأة التي تحب .. دعوها في أحلامها حتى لا تبكي عندما تعود الى الواقع المر .
مارك توين
صباح الخير.. إنّها التاسعة بتوقيت النسيان.
انتهى سباتك الشتوي عزيزتي.
قومي من تحت الردم ..قومي من حزنك قومي . افتحي نوافذ الحياة و إلّا دخل
الصقيع إلى قلبك و بقي هناك. كنت غزالة و أصبحت من دببة القطب الشمالي
تنامين سبعة أشهر. بأيّة حقنة تمّ تخديرك؟ بالشغف ؟ بالولع ؟ الوله ؟
الهيام ؟ الغرام ؟ الصبابة ؟
تدرين كم للحبّ من اسم ؟ تسعون اسمًا حسب مراتب العشق و جنونه. ستعرفين من
مدّة غيبوبتك، في أيّة درجة من العشق كنت حين خلدت إلى النوم على تلك
الغيمة القطنيّة البيضاء متوسّدة أحلامك.
ما توقّعتها ستمطر و ترمي بك أرضًا من العلوّ الشاهق للأوهام. لذا ما أخذت
معك كما المظليّين ما يضمن نزولك بسلامة. فالسقوط المفاجئ ما كان ضمن
حساباتك و الآن قلبك لا يتوقّف عن الإصغاء لصوت ما تهشّم داخلك من أشياء
سيصعب عليك ترميمها.
لا تدعي منظر الخراب يشوّه مزاجك. و يشلّ قدرتك على الوقوف." نقع سبع مرات و
نقوم ثمانية " يقول اليابانيون. قومي. ما ينتظرك أجمل مما يحيط بك. اشتري
أحذية لأحلامك و ستصبح كلّ الطرقات إلى الفرح سالكة.
سدًى تنتظرين.
لا الحبّ يستطيع من أجلك شيئًا و لا النسيان. لا زوارق في الأفق.. غادري مرفأ الانتظار.
هو لن يعود طالما أنت في انتظاره.
أنت لن تكسبيه إلّا بفقدانه لك. و لن تحافظي عليه إلّا بحرمانه منك.
ثمّة رجال لا تكسبينهم إلّا بالخسارة. عندما ستنسينه حقًّا، سيتذكّرك. ذلك أنّنا لا ننسى خساراتنا !
***
كما ينسى الرجال
"أفضل ما يمكن توقّعه من الرجال هو النسيان"
( فرانسوا مورياك)
"ما عاد بإمكاننا أن نتحدّث مع من نحبّ و ليس هذا بالصمت"
( رينيه شار )
إن كان سلاح المرأة دموعها. أو هكذا يقول الرجال الذين ما استطاعوا الدفاع
عن أنفسهم بمجاراتها في البكاء. فقد عثر الرجل على سلاح ليس ضمن ترسانة
المرأة. و لا تعرف كيف تواجهه لأنّها ليست مهيّأة له في تكوينها النفسي.
لذا عندما يشهره الرجل في وجهها يتلخبط جهاز الالتقاط لديها و يتعطّل
رادارها. إنّها تصاب بعمى الأنوثة أمام الضوء الساطع لرجل اختار أن يقف في
عتمة الصمت.
لا امرأة تستطيع تفسير صمت رجل. و لا الجزم بأنّها تعرف تماماً محتوى
الرسالة التي أراد إيصالها إليها. خاصة إن كانت تحبّه. فالحبّ عمًى آخر في
حدّ ذاته. ( أمّا عندما تكفّ عن حبّه فلا صمته و لا كلامه يعنيانها و هنا
قد يخطئ الرجل في مواصلة إشهار سلاحه خارج ساحة المعركة على امرأة هو نفسه
ما عاد موجودًا في مجال رؤيتها ! ) كما أنّ بعض من يعاني من ازدواجيّة
المشاعر يغدو الصمت عنده سوطًا يريد به جلدك فيجلد به نفسه.
تكمن قوة الصمت الرجالي في كونه سلاح تضليلي. إنه حالة التباس كتلك البدلة
المرقطة التي يرتديها الجنود كي يتسنّى لهم التلاشي في أيّة ساحة للقتال.
إنّهم يأخذون لون أيّ فضاء يتحرّكون فيه.
نصيحه ..
تعلّمي أن تميّزي بين صمت الكبار و الصمت الكبير. فصمت الكبار يقاس بوقعه، و الصمت الكبير بمدّته.
الكبار يقولون في صمتهم بين جملتين أو في صمتهم أثناء عشاء حميم ما لا
يقوله غيرهم خلال أشهر من الصمت. ذلك أنّ الصمت يحتاج في لحظة ما أن يكسره
الكلام ليكون صمتًا.
أمّا الصمت المفتوح على مزيد من الصمت، فهو يشي بضعف أو خلل عاطفيّ ما
يخفيه صاحبه خلف قناع الصمت خوفًا من المواجهة. وحده الذي يتقن متى يجب كسر
الصمت. و ينتقي كجوهرجي كلماته بين صمتين يليق به صمت الكبار.
تعلّمي الإصغاء إلى صمت من تحبّين، لا إلى كلامه فقط. فوحده الصمت يكشف معدن الرجال.
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:07 pm
>> [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] >>
من كتاب وصية الريحاني
لم تكن حياتي حياة القديسين والأولياء، والحمد لله، ولا حياة أولى الثروة
والسيادة، والحمد ثم الحمد لله؛ إن ما فاتني الحياة اللامعة غربته خلال
الحياة الدامعة تأبطت كتاب الآلام ثلاثين سنة، حملت في جيبي كتاب الوحشة
على الدوام، وحاولت أن أحرق كتاب الإثم، وأمزق كتاب الحاجة فأخفقت، وما
استسلمت.
أوصى إليكم إخواني في الإنسانية : البيض والصفر والسود على السواء شرقا وغربا:
إن حق الشعب في تقرير مصيره لحق مقدس، فأوصيكم بالجهاد في سبيله، أينما كان.
إن الأمة الصغيرة وهي على حق لأعظم من الأمة الكبيرة وهي على باطل.
إن الأمة القوية الحرة لا تستحق حريتها وقوتها مازال في العالم أمم مستضعفة مقيدة .
من كتاب وصية الريحاني
لم تكن حياتي حياة القديسين والأولياء، والحمد لله، ولا حياة أولى الثروة
والسيادة، والحمد ثم الحمد لله؛ إن ما فاتني الحياة اللامعة غربته خلال
الحياة الدامعة تأبطت كتاب الآلام ثلاثين سنة، حملت في جيبي كتاب الوحشة
على الدوام، وحاولت أن أحرق كتاب الإثم، وأمزق كتاب الحاجة فأخفقت، وما
استسلمت.
أوصى إليكم إخواني في الإنسانية : البيض والصفر والسود على السواء شرقا وغربا:
إن حق الشعب في تقرير مصيره لحق مقدس، فأوصيكم بالجهاد في سبيله، أينما كان.
إن الأمة الصغيرة وهي على حق لأعظم من الأمة الكبيرة وهي على باطل.
إن الأمة القوية الحرة لا تستحق حريتها وقوتها مازال في العالم أمم مستضعفة مقيدة .
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:07 pm
>> [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] >>
من وصيّة الريحاني
لم تكن حياتي حياة القديسين والأولياء، والحمد لله، ولا حياة أولى الثروة
والسيادة، والحمد ثم الحمد لله؛ إن ما فاتني الحياة اللامعة غربته خلال
الحياة الدامعة تأبطت كتاب الآلام ثلاثين سنة، حملت في جيبي كتاب الوحشة
على الدوام، وحاولت أن أحرق كتاب الإثم، وأمزق كتاب الحاجة فأخفقت، وما
استسلمت.
أوصى إليكم إخواني في الإنسانية : البيض والصفر والسود على السواء شرقا وغربا:
إن حق الشعب في تقرير مصيره لحق مقدس، فأوصيكم بالجهاد في سبيله، أينما كان.
إن الأمة الصغيرة وهي على حق لأعظم من الأمة الكبيرة وهي على باطل.
إن الأمة القوية الحرة لا تستحق حريتها وقوتها مازال في العالم أمم مستضعفة مقيدة.
من وصيّة الريحاني
لم تكن حياتي حياة القديسين والأولياء، والحمد لله، ولا حياة أولى الثروة
والسيادة، والحمد ثم الحمد لله؛ إن ما فاتني الحياة اللامعة غربته خلال
الحياة الدامعة تأبطت كتاب الآلام ثلاثين سنة، حملت في جيبي كتاب الوحشة
على الدوام، وحاولت أن أحرق كتاب الإثم، وأمزق كتاب الحاجة فأخفقت، وما
استسلمت.
أوصى إليكم إخواني في الإنسانية : البيض والصفر والسود على السواء شرقا وغربا:
إن حق الشعب في تقرير مصيره لحق مقدس، فأوصيكم بالجهاد في سبيله، أينما كان.
إن الأمة الصغيرة وهي على حق لأعظم من الأمة الكبيرة وهي على باطل.
إن الأمة القوية الحرة لا تستحق حريتها وقوتها مازال في العالم أمم مستضعفة مقيدة.
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:07 pm
>> [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] >> خجل أمنية.
خجل أمنية.
" ألن تأكلي
من هنا كانت البداية ..لم تكن أمسية ككل الأمسيات .استغرق الأمر الليل كله .لإستيعاب اننى لأول مرة اهتم بإنسان
لأول مرة يهزنى الشوق ويحذونى الأمل فى تحقيق أمنية ما فى خاطرى
جلسنا على ذات الطاولة لنمارس طوال العشاء فن المجاملة ونتقن لغة النظرات
.أخبرته كل شىء وآبى الا أن يثير فضولى ببعض الجمل التى إنسابت من مآقيه
كان عشاء عمل فرضته الظروف .صنعته الصدفة .تجاذب مع صديقتى أطراف الحديث .ومن ثم غرق فى صمت رهيب
جلست امامه أنتظر فرصةلأنتهزها وأنا التى لم أتعود إقتناص الفرص .ما الذى
حدث بعد ذلك .لست ادرى .كل ما أعرفه بأننى أنتظر يوم يصحو الفجر من سباته
العميق معلنا أنه لابد لحلمى أن يخترق جدار العاصفة مهما تراكم الصقيع على
ثنايا قلبك
قطعا لايمكنك إتهامى بأننى مثل الآخريات ضحلة التفكير ولكنى لا أستطيع الإنكار بأننى ايضا تمنيت "
خجل أمنية.
" ألن تأكلي
من هنا كانت البداية ..لم تكن أمسية ككل الأمسيات .استغرق الأمر الليل كله .لإستيعاب اننى لأول مرة اهتم بإنسان
لأول مرة يهزنى الشوق ويحذونى الأمل فى تحقيق أمنية ما فى خاطرى
جلسنا على ذات الطاولة لنمارس طوال العشاء فن المجاملة ونتقن لغة النظرات
.أخبرته كل شىء وآبى الا أن يثير فضولى ببعض الجمل التى إنسابت من مآقيه
كان عشاء عمل فرضته الظروف .صنعته الصدفة .تجاذب مع صديقتى أطراف الحديث .ومن ثم غرق فى صمت رهيب
جلست امامه أنتظر فرصةلأنتهزها وأنا التى لم أتعود إقتناص الفرص .ما الذى
حدث بعد ذلك .لست ادرى .كل ما أعرفه بأننى أنتظر يوم يصحو الفجر من سباته
العميق معلنا أنه لابد لحلمى أن يخترق جدار العاصفة مهما تراكم الصقيع على
ثنايا قلبك
قطعا لايمكنك إتهامى بأننى مثل الآخريات ضحلة التفكير ولكنى لا أستطيع الإنكار بأننى ايضا تمنيت "
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:08 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] >>
من رواية : عشب الليل. (1)
1
في فرارها الأول ذهبت للاحتماء ببنيان الحرم.
باتت ليلتها الأولى في دار القرابين، وأطعمتها العرافة مآكل النذور التي
يجود بها الواويون على الضريح بسخاء يفوق إنفاقهم على أنفسهم وعلى ذويهم.
وفي صباح اليوم التالي أقبل أحد أقيان الجدّ وحاول أن يقنعها بالعودة.
جالسها في الركن طويلاً، وحادثها همساً، وظل يتقرفص في الزاوية ، ويهمهم
بكلام مبهم حتى بعد أن انسحبت الفتاة وتكرته في عتمة البنيان وحيداً.
وجع القنّ فجاءت الأم.
جاءت مع حلول العتمة، تشد حول وجهها لحافا شديد السواد. ترتدي ثوباً شديد
السواد أيضاً، فلا يبدو من وجهها الخاسيّ سوى مقلتين حزينتين.
ولكن سيماء الحسن القديم، الصارم، تجلت في القامة، والمشية، واستواء القدّ.
عبرت إلى دار الكاهنة، وجالستها على انفراد أمدا، ثم خرجت لتختلي بالفتاة
عند موقد النار. في ضياء اللهب تبدّى في عينيها، إلى جانب الحزن، وجع عميق.
حاورتها الليل كله، حاورتها بصوت مكتوم جلّ الوقت، ولكن الانفعال غليبها مرارا، فأفلت الصوت، وجاهرت بالعبارة المسموعة كثيراً.
في غلس الفجر تسللت عائدة. وراءها بمسافة ، سارت الفتاة.
من رواية : عشب الليل. (1)
1
في فرارها الأول ذهبت للاحتماء ببنيان الحرم.
باتت ليلتها الأولى في دار القرابين، وأطعمتها العرافة مآكل النذور التي
يجود بها الواويون على الضريح بسخاء يفوق إنفاقهم على أنفسهم وعلى ذويهم.
وفي صباح اليوم التالي أقبل أحد أقيان الجدّ وحاول أن يقنعها بالعودة.
جالسها في الركن طويلاً، وحادثها همساً، وظل يتقرفص في الزاوية ، ويهمهم
بكلام مبهم حتى بعد أن انسحبت الفتاة وتكرته في عتمة البنيان وحيداً.
وجع القنّ فجاءت الأم.
جاءت مع حلول العتمة، تشد حول وجهها لحافا شديد السواد. ترتدي ثوباً شديد
السواد أيضاً، فلا يبدو من وجهها الخاسيّ سوى مقلتين حزينتين.
ولكن سيماء الحسن القديم، الصارم، تجلت في القامة، والمشية، واستواء القدّ.
عبرت إلى دار الكاهنة، وجالستها على انفراد أمدا، ثم خرجت لتختلي بالفتاة
عند موقد النار. في ضياء اللهب تبدّى في عينيها، إلى جانب الحزن، وجع عميق.
حاورتها الليل كله، حاورتها بصوت مكتوم جلّ الوقت، ولكن الانفعال غليبها مرارا، فأفلت الصوت، وجاهرت بالعبارة المسموعة كثيراً.
في غلس الفجر تسللت عائدة. وراءها بمسافة ، سارت الفتاة.
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:08 pm
> [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] >>
من رواية : عشب الليل. (2)
لم يعتد العبيدُ أن يخفوا كراهيتهم للون رأوهُ سبب وقوعهم في الأسر، وأجاز
لأناس لا يمتازون عنهم بفضيلة غير قشرة بئسية اسمها البياض، أن يتسلطوا
عليهم، ويمتلكوا حياتهم وذريتهم من بعدهم، ولكنم لم يتذللوا للنقيض أيضاً،
ولم يروا فيه بهاءً أو جمالاً أو فتنة، بل كانوا يسخرون منه في قرارة
أنفسهم وفي خلواتهم التي يغيب عنها أهل البياض، ويتندرون على إعجاب السادة
بأنفسهم وبلونهم وببهائهم المزعوم. وما إن ابتدأ المولى بدعته ودأب على
تحقير لونه ولو أبناء قبيلته، حتى ابتهج المماليك، ولكنهم أخفوا فرحتهم
أمدا ارتيابا. ذلك أن السياط علمت الأشقياء أن يرتابوا في كل شيء، ولا
يصدقوا أي شيء، وتعلموا أيضا أن لا يسمعوا ولا يبصروا، وإذا أبصروا قسراً
كذبوا، في الحال، ما أبصروا، وإذا سمعوا عفوا نسوا في الحال، ما سمعوا.
ولأنهم جربوا دهاء السادة، وخبث ملكتهم الأقدار لأيديهم، فقد صنعوا لأنفسهم
ناموساً يقضي بألاً يصدقوا ما برى ولا يؤمنوا بما يسمع، ويحترسوا من
الحيلة، لأن الحيلة لم تكن وسيلة السادة للحياة، ولكنها في الحياة نفسها.
ولولا الحيلة، لولا هذه التميمة الخفية، لما امتلكهم هؤلاء الدهاة يوماً
واحداً برغم بلية اللون.
من رواية : عشب الليل. (2)
لم يعتد العبيدُ أن يخفوا كراهيتهم للون رأوهُ سبب وقوعهم في الأسر، وأجاز
لأناس لا يمتازون عنهم بفضيلة غير قشرة بئسية اسمها البياض، أن يتسلطوا
عليهم، ويمتلكوا حياتهم وذريتهم من بعدهم، ولكنم لم يتذللوا للنقيض أيضاً،
ولم يروا فيه بهاءً أو جمالاً أو فتنة، بل كانوا يسخرون منه في قرارة
أنفسهم وفي خلواتهم التي يغيب عنها أهل البياض، ويتندرون على إعجاب السادة
بأنفسهم وبلونهم وببهائهم المزعوم. وما إن ابتدأ المولى بدعته ودأب على
تحقير لونه ولو أبناء قبيلته، حتى ابتهج المماليك، ولكنهم أخفوا فرحتهم
أمدا ارتيابا. ذلك أن السياط علمت الأشقياء أن يرتابوا في كل شيء، ولا
يصدقوا أي شيء، وتعلموا أيضا أن لا يسمعوا ولا يبصروا، وإذا أبصروا قسراً
كذبوا، في الحال، ما أبصروا، وإذا سمعوا عفوا نسوا في الحال، ما سمعوا.
ولأنهم جربوا دهاء السادة، وخبث ملكتهم الأقدار لأيديهم، فقد صنعوا لأنفسهم
ناموساً يقضي بألاً يصدقوا ما برى ولا يؤمنوا بما يسمع، ويحترسوا من
الحيلة، لأن الحيلة لم تكن وسيلة السادة للحياة، ولكنها في الحياة نفسها.
ولولا الحيلة، لولا هذه التميمة الخفية، لما امتلكهم هؤلاء الدهاة يوماً
واحداً برغم بلية اللون.
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:08 pm
>> [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] >>
من كتاب: من أساطير الصحراء
الجبل
-1-
بدأت الرحلةُ في القماط. تسلى بالسماء فرأى الأنواء. رقعة ظلماء موشاة
بعيون لامعة، تومئ ولا تتوقف عن مشاكسته بوميضها الغامض. يغيب في زحمة
العيون كل ليلة. ولم يكفّ عن أسفاره حتى بلغ "آشيت آهض". دخل بيتاً لم يعد
منه أبداً. لاحقته الأم. أغوته بحيل الساحرات. استبدلت في يده صرة الشيح.
أخذت الصرة القديمة وأحرقتها في موقد النار. أعدت صرة جديدة وثبتتها في
معصمه الأيمن. ذهبت إلى الساحر وجاءت له بتميمة جديدة. نحرت فوق رأسه ديكاً
أبيض اللون. لوثته بدم الديك، وأعدت لمه من المخّ حساء. اشترت من العرافين
العابرين مدية نحاسية جديدة. غرستها فوق رأسه بجوار الركيزة. ولكن الوليد
الذي سار وراء"آشي آهض" ليلا، ومضى بعيداً في ساحة الوظن المجهول، لم يعد
إلى الوراء نهاراً. وظل يبرطم ويتبسم ويبتدعُ اللغة التي يخاطب بها كوكبة
الصبايا طوال الليالي. ولا تنطفئ له عين حتى يفلق القبس المبكر فوق الأفق.
يعود إلى الصحراء متعباً فلا يستجيب لمداعبات الأم، يستسلمُ لحلم مبهم،
فنرقضص على شفتيه ابتسامة مجهولة يرتجفُ لها قلبُ الأمّ.
من كتاب: من أساطير الصحراء
الجبل
-1-
بدأت الرحلةُ في القماط. تسلى بالسماء فرأى الأنواء. رقعة ظلماء موشاة
بعيون لامعة، تومئ ولا تتوقف عن مشاكسته بوميضها الغامض. يغيب في زحمة
العيون كل ليلة. ولم يكفّ عن أسفاره حتى بلغ "آشيت آهض". دخل بيتاً لم يعد
منه أبداً. لاحقته الأم. أغوته بحيل الساحرات. استبدلت في يده صرة الشيح.
أخذت الصرة القديمة وأحرقتها في موقد النار. أعدت صرة جديدة وثبتتها في
معصمه الأيمن. ذهبت إلى الساحر وجاءت له بتميمة جديدة. نحرت فوق رأسه ديكاً
أبيض اللون. لوثته بدم الديك، وأعدت لمه من المخّ حساء. اشترت من العرافين
العابرين مدية نحاسية جديدة. غرستها فوق رأسه بجوار الركيزة. ولكن الوليد
الذي سار وراء"آشي آهض" ليلا، ومضى بعيداً في ساحة الوظن المجهول، لم يعد
إلى الوراء نهاراً. وظل يبرطم ويتبسم ويبتدعُ اللغة التي يخاطب بها كوكبة
الصبايا طوال الليالي. ولا تنطفئ له عين حتى يفلق القبس المبكر فوق الأفق.
يعود إلى الصحراء متعباً فلا يستجيب لمداعبات الأم، يستسلمُ لحلم مبهم،
فنرقضص على شفتيه ابتسامة مجهولة يرتجفُ لها قلبُ الأمّ.
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:08 pm
> [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
من رواية : التبر .
-3-
هذه ليست المرة الأولى.
سبق له أن ورّطه في فضائح أفظع .
فقد تعود أن يقوم بغزواته العاطفية الليلة إلى النجوع المجاورة على ظهر
الأبلق. يسرجه بعد المغيب وينطلقُ إلى ديار المعشوقات فيصل بعد منتصف
الليل. يوثقه بالعقال في أقرب الأودية وتسلل في الظلمات إلة خيم الحسان.
يتغازل ويتسامرُ ويختطف القبلات حتى ينفلق أفق الصحراء عن الضوء، فيتسلل
إلى الوادي ويقفز فوق السرج وينطلقُ عائداً.
تكررت الغزواتُ حتى اكتشف أن أبلقهُ قد وقع في غرام ناقة حسنا تملكها قبيلة
تعودت أن تقضي الربيع في وادي "المغرغر" واعتاد هُوَ أن يزورَ فاتنة من
بنات تلك القبيلة النبيلة. يتركه يرتعُ في قاع الوادي مع الإبل، ويذهبُ إلى
فتاته في المضارب. ولم يغفل عن مشاعر مهربه العاطفية. فقد لاحظ هيامه
بالناقة البيضاء منذ زياراته الأولى. وازداد يقيناً بعدما رأى كيف يطير
الأبلقُ إلى "النغرغر" ويحترقُ شوقا للسفر الليليّ. فكان يشاكسه ويقول:
- لماذا تخبئ عني؟ اعترف أنك تطيرُ إلى محبوبتك ولا تطير بي إلى محبوبتي.
اعترف أن لا فضلَ لك في العدو هذه المرة! الأنثى هي السبب! هي السبب دوماً
!.
فيرد عليه متمايلاً، ينثر الزبد، ويمضغ الرسن في عدوه السعيد :
- أو _ ع _ ع _ ع ....
فيضحكُ أوخيّد، ويستمرّ في مداعباته .
من رواية : التبر .
-3-
هذه ليست المرة الأولى.
سبق له أن ورّطه في فضائح أفظع .
فقد تعود أن يقوم بغزواته العاطفية الليلة إلى النجوع المجاورة على ظهر
الأبلق. يسرجه بعد المغيب وينطلقُ إلى ديار المعشوقات فيصل بعد منتصف
الليل. يوثقه بالعقال في أقرب الأودية وتسلل في الظلمات إلة خيم الحسان.
يتغازل ويتسامرُ ويختطف القبلات حتى ينفلق أفق الصحراء عن الضوء، فيتسلل
إلى الوادي ويقفز فوق السرج وينطلقُ عائداً.
تكررت الغزواتُ حتى اكتشف أن أبلقهُ قد وقع في غرام ناقة حسنا تملكها قبيلة
تعودت أن تقضي الربيع في وادي "المغرغر" واعتاد هُوَ أن يزورَ فاتنة من
بنات تلك القبيلة النبيلة. يتركه يرتعُ في قاع الوادي مع الإبل، ويذهبُ إلى
فتاته في المضارب. ولم يغفل عن مشاعر مهربه العاطفية. فقد لاحظ هيامه
بالناقة البيضاء منذ زياراته الأولى. وازداد يقيناً بعدما رأى كيف يطير
الأبلقُ إلى "النغرغر" ويحترقُ شوقا للسفر الليليّ. فكان يشاكسه ويقول:
- لماذا تخبئ عني؟ اعترف أنك تطيرُ إلى محبوبتك ولا تطير بي إلى محبوبتي.
اعترف أن لا فضلَ لك في العدو هذه المرة! الأنثى هي السبب! هي السبب دوماً
!.
فيرد عليه متمايلاً، ينثر الزبد، ويمضغ الرسن في عدوه السعيد :
- أو _ ع _ ع _ ع ....
فيضحكُ أوخيّد، ويستمرّ في مداعباته .
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:09 pm
>> [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] >>
من رواية: سيرة شُجاع.
" وأشرق فجر اليوم الرابع فهب الناس في القاهرة وفي الفسطاط على سماع اصوات
الصائحين ، وبأيديهم الطبول يدورون في كل حي وكل زقاق ، وقد اختلطت
اصواتهم ودقات طبولهم بأصوات المؤذنين لصلاة الفجر وهم يرددون :
بيان للناس في كل مكان .
بأمر أمير المؤمنين العاضد لدين الله .
" شاور " المخدوع قد عزل .
وتقلّد الوزارة أبو الأشبال ضرغام .
الأمان مستتب في كل مكان .
ادعوا لمولانا العاضد بالنصر والتأييد .
العمر المديد السعيد !!!
وطفق أهل القاهرة يعلنون الفرح والاستبشار ، وانطلقت حناجر النساء ترسل
الزغاريد ، واستعد كثير من وجهائهم وأعيانهم للسعي إلى دار الوزراء ليرفعوا
تهنئتهم إلى الوزير الجديد ثم إلى القصر الشرقي ليعربوا عن ولائهم
وإخلاصهم للعرش والجالس عليه .
وكأي من شاعر أخذ يقدح زناد فكره ، وطفق يتصفح أبواب المديح والتهنئة من
دواوين الشعراء القدامى ، يحرك بها قريحته ، ويلتمس الوزن الذي يروقه أو
القافية التي يستحسنها لينظم قصيدته الجديدة على المنوال الذي يرتضيه ، وهو
يمني نفسه بصلة من الخليفة أو منحة من الوزير ، وإن كان لا يُخفي جزعه من
أن يكون جزاءه على مديحه الخيبة والحرمان . فقد تغيّر الزمان ، وذهب الملوك
والأمراء الذين يهتزون لكريم القول ويجزون عليه ، على أن حسبه - إذا لم
يُجز عن شعره - أن يغيظ حساده ومنافسيه من الشعراء ، فما ينبغي أن يتفوق
أحدهم عليه ، فيذهب بفخر هذا اليوم المجيد دونه .
هَبّ الجميع هكذا يعلنون الفرح والاستبشار لا عن حب للوزير الجديد أو إيثار
له على سلفه الذي غرب نجمه ، ولا عن ولاء للخليفة أو إخلاص له ، ولكن
بعضهم يفعلون ذلك جريا على العادة المتبعة في مثل هذه الأحوال من حيث لا
يشعرون ، وأكثرهم يقومون بذلك خشية أن يعرف عنهم أنهم من المعادين لصاحب
العرش أو الضائقين بأسرته الحاكمة أو المناصبين لمذهبها الاسماعيلي الذي لم
يستطع بعد مضي قرنين من الزمان أن يزحزح المذهب السني الذي يتمسك به أهل
البلاد عن بصيرة وإيمان .
وليس بوسع هؤلاء الذين يقيمون بقاهرة المعزّ أن يجاهروا بكراهيتهم للعاضد
وأسرته ومذهبه ، ماضين في ذلك على سنة آبائهم وأجدادهم الذين كانوا يؤثرون
السلامة بمجاملة هذه الأسرة ومداراتها أن يبطش بهم او تتعرض مصالحهم للسوء ،
ولا سيما في عهود الأقوياء من خلفائها السالفين الذين كانوا لا يتوانون عن
القضاء على من يرتابون في إخلاصه لبيتهم أو يؤنسون لديه أي مناهضة لمذهبهم
في السلا بله العلانية .
فكان أحدهم إذا ضاق ذرعا بهذه الحال . ولم يستطع بعد صبرا عليها . انتحل
عذرا من الأعذار ، يترك به القاهرة وينتقل بأهله إلى الفسطاط مأزر السنة
وملاذها العتيد وحصنها المنيع حيث يستطيع أن يستروح شيئا من نسيم الحرية .
وإن كان لا يأمن فيها أيضا أن تمتد إليه يد البطش والاضطهاد ، إذا لم يقصد
في إعلان عداوته للبيت الحاكم وسخطه عليه "
من رواية: سيرة شُجاع.
" وأشرق فجر اليوم الرابع فهب الناس في القاهرة وفي الفسطاط على سماع اصوات
الصائحين ، وبأيديهم الطبول يدورون في كل حي وكل زقاق ، وقد اختلطت
اصواتهم ودقات طبولهم بأصوات المؤذنين لصلاة الفجر وهم يرددون :
بيان للناس في كل مكان .
بأمر أمير المؤمنين العاضد لدين الله .
" شاور " المخدوع قد عزل .
وتقلّد الوزارة أبو الأشبال ضرغام .
الأمان مستتب في كل مكان .
ادعوا لمولانا العاضد بالنصر والتأييد .
العمر المديد السعيد !!!
وطفق أهل القاهرة يعلنون الفرح والاستبشار ، وانطلقت حناجر النساء ترسل
الزغاريد ، واستعد كثير من وجهائهم وأعيانهم للسعي إلى دار الوزراء ليرفعوا
تهنئتهم إلى الوزير الجديد ثم إلى القصر الشرقي ليعربوا عن ولائهم
وإخلاصهم للعرش والجالس عليه .
وكأي من شاعر أخذ يقدح زناد فكره ، وطفق يتصفح أبواب المديح والتهنئة من
دواوين الشعراء القدامى ، يحرك بها قريحته ، ويلتمس الوزن الذي يروقه أو
القافية التي يستحسنها لينظم قصيدته الجديدة على المنوال الذي يرتضيه ، وهو
يمني نفسه بصلة من الخليفة أو منحة من الوزير ، وإن كان لا يُخفي جزعه من
أن يكون جزاءه على مديحه الخيبة والحرمان . فقد تغيّر الزمان ، وذهب الملوك
والأمراء الذين يهتزون لكريم القول ويجزون عليه ، على أن حسبه - إذا لم
يُجز عن شعره - أن يغيظ حساده ومنافسيه من الشعراء ، فما ينبغي أن يتفوق
أحدهم عليه ، فيذهب بفخر هذا اليوم المجيد دونه .
هَبّ الجميع هكذا يعلنون الفرح والاستبشار لا عن حب للوزير الجديد أو إيثار
له على سلفه الذي غرب نجمه ، ولا عن ولاء للخليفة أو إخلاص له ، ولكن
بعضهم يفعلون ذلك جريا على العادة المتبعة في مثل هذه الأحوال من حيث لا
يشعرون ، وأكثرهم يقومون بذلك خشية أن يعرف عنهم أنهم من المعادين لصاحب
العرش أو الضائقين بأسرته الحاكمة أو المناصبين لمذهبها الاسماعيلي الذي لم
يستطع بعد مضي قرنين من الزمان أن يزحزح المذهب السني الذي يتمسك به أهل
البلاد عن بصيرة وإيمان .
وليس بوسع هؤلاء الذين يقيمون بقاهرة المعزّ أن يجاهروا بكراهيتهم للعاضد
وأسرته ومذهبه ، ماضين في ذلك على سنة آبائهم وأجدادهم الذين كانوا يؤثرون
السلامة بمجاملة هذه الأسرة ومداراتها أن يبطش بهم او تتعرض مصالحهم للسوء ،
ولا سيما في عهود الأقوياء من خلفائها السالفين الذين كانوا لا يتوانون عن
القضاء على من يرتابون في إخلاصه لبيتهم أو يؤنسون لديه أي مناهضة لمذهبهم
في السلا بله العلانية .
فكان أحدهم إذا ضاق ذرعا بهذه الحال . ولم يستطع بعد صبرا عليها . انتحل
عذرا من الأعذار ، يترك به القاهرة وينتقل بأهله إلى الفسطاط مأزر السنة
وملاذها العتيد وحصنها المنيع حيث يستطيع أن يستروح شيئا من نسيم الحرية .
وإن كان لا يأمن فيها أيضا أن تمتد إليه يد البطش والاضطهاد ، إذا لم يقصد
في إعلان عداوته للبيت الحاكم وسخطه عليه "
- أميرة الخيالـ
- ♣ عدد المشاركات : 759
♣ وطني الغالي : مصر
♣ مزاجي :
♣ Sms :
♣ تم تقيمي : 925871
♣ تم شكري : 912
رد: روضه الشعر والأدبــ
السبت يوليو 07, 2012 6:09 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] >> البكاء بين يدي زرقاء اليمامة
البكاء بين يدي زرقاء اليمامة
أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
تلعق من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !
تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
لا اللَّيل يُخفي عورتي .. كلا ولا الجدران !
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
ولا احتمائي في سحائب الدخان !
.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
وحين مات عَطَشاً في الصحَراء المشمسة ..
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
وارتخت العينان !)
فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
والضحكةَ الطروب : ضحكتهُ..
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
* * *
أيتها النبية المقدسة ..
لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
لكي أنال فضلة الأمانْ
قيل ليَ "اخرسْ .."
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
أجتزُّ صوفَها ..
أردُّ نوقها ..
أنام في حظائر النسيان
طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
وها أنا في ساعة الطعانْ
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
دُعيت للميدان !
أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. تكلمي ..
فها أنا على التراب سائلٌ دمي
وهو ظمئُ .. يطلب المزيدا .
أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
فمن تُرى يصدُقْني ؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أيتها العَّرافة المقدسة ..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
والتمسوا النجاةَ والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروحِ والفم .
لم يبق إلا الموتُ ..
والحطامُ ..
والدمارْ ..
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
وفي ثياب العارْ
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
ها أنت يا زرقاءْ
وحيدةٌ ... عمياءْ !
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
في أعين الرجال والنساءْ !؟
وأنت يا زرقاء ..
وحيدة .. عمياء !
وحيدة .. عمياء !
البكاء بين يدي زرقاء اليمامة
أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
تلعق من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !
تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
لا اللَّيل يُخفي عورتي .. كلا ولا الجدران !
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
ولا احتمائي في سحائب الدخان !
.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
وحين مات عَطَشاً في الصحَراء المشمسة ..
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
وارتخت العينان !)
فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
والضحكةَ الطروب : ضحكتهُ..
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
* * *
أيتها النبية المقدسة ..
لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
لكي أنال فضلة الأمانْ
قيل ليَ "اخرسْ .."
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
أجتزُّ صوفَها ..
أردُّ نوقها ..
أنام في حظائر النسيان
طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
وها أنا في ساعة الطعانْ
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
دُعيت للميدان !
أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. تكلمي ..
فها أنا على التراب سائلٌ دمي
وهو ظمئُ .. يطلب المزيدا .
أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
فمن تُرى يصدُقْني ؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أيتها العَّرافة المقدسة ..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
والتمسوا النجاةَ والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروحِ والفم .
لم يبق إلا الموتُ ..
والحطامُ ..
والدمارْ ..
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
وفي ثياب العارْ
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
ها أنت يا زرقاءْ
وحيدةٌ ... عمياءْ !
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
في أعين الرجال والنساءْ !؟
وأنت يا زرقاء ..
وحيدة .. عمياء !
وحيدة .. عمياء !
صفحة 4 من اصل 4 • 1, 2, 3, 4
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى